تحت
رعاية الأستاذ الدكتور محمد سامي عبد الصادق، رئيس جامعة
القاهرة، والأستاذة الدكتورة حنان محمد علي، القائم بأعمال
عميد كلية الاقتصاد والعلوم السياسية، نظم مركز البحوث
السياسية والحوار الثقافي، برئاسة الدكتورة هالة أحمد الرشيدي،
بالتعاون مع لجنة سفراء دول رابطة أمم جنوب شرق آسيا (آسيان)
في القاهرة، ندوة تعليمية للتعريف برابطة آسيان .
عُقدت
الندوة يوم الثلاثاء الموافق 11 فبراير 2025 بكلية الاقتصاد
والعلوم السياسية، بحضور سفراء الدول التسع الأعضاء في آسيان
في مصر، بما في ذلك سعادة السفير بنجران صالح عبدالرحمن بنجران
حاجي دميت، سفير بروناي دار السلام، وسعادة السفير أوك سارون،
سفير كمبوديا، وسعادة السفير لطفي رؤوف، سفير إندونيسيا،
وسعادة السفير محمد طريد سفيان، سفير ماليزيا ورئيس لجنة سفراء
آسيان بالقاهرة، وسعادة السفير كياو تين شين، سفير ميانمار،
وسعادة السفير عز الدين تاجو، سفير الفلبين، وسعادة السفير
نغوين هوي دونغ، سفير فيتنام، والسيد تانابوردي جوتونغ، القائم
بأعمال سفارة تايلاند، والسيد جيرمي لو، ممثل سفارة سنغافورة.
كما حضر الندوة عدد من الدبلوماسيين وأعضاء هيئة التدريس
والطلاب .
هدفت
الندوة إلى تعزيز التفاهم المتبادل بين مصر ودول آسيان، وتعزيز
التبادل الثقافي، واستكشاف فرص التعاون الأكاديمي والاقتصادي.
تضمنت الفعالية عروضًا تقديمية ثرية، ومناقشات بنّاءة،
واحتفاءً بالتنوع الثقافي الغني لدول جنوب شرق آسيا .
بدأت
الندوة بكلمة ترحيبية ألقتها الأستاذة الدكتورة حنان محمد علي،
القائم بأعمال عميد كلية الاقتصاد والعلوم السياسية، حيث
استعرضت التاريخ العريق للكلية، التي تأسست عام 1939 على نموذج
كلية لندن للاقتصاد والعلوم السياسية (LSE). وأكدت التزام
الكلية بالتميز في التعليم والبحث العلمي وخدمة المجتمع،
ودورها في تعزيز التعاون الدولي. أعقب ذلك كلمة افتتاحية
لسعادة السفير محمد طريد سفيان، سفير ماليزيا ورئيس لجنة سفراء
آسيان بالقاهرة، الذي قدم لمحة شاملة عن نشأة آسيان منذ إعلان
بانكوك عام 1967 وتطورها إلى قوة إقليمية تتألف من عشر دول
أعضاء. كما استعرض الركائز الثلاث التي تستند إليها آسيان، وهي
الأمن السياسي، والتكامل الاقتصادي، والتفاعل الاجتماعي
والثقافي، مؤكدًا التزامها بالسلام والاستقرار والازدهار في
المنطقة، إضافة إلى علاقاتها مع القوى العالمية مثل الولايات
المتحدة والصين .
تناوب
سفراء الدول الأعضاء في آسيان على تقديم مداخلاتهم حول دور
الرابطة في الشؤون الإقليمية والدولية، وأبرز إسهامات دولهم
فيها. تحدث سعادة السفير لطفي رؤوف، سفير إندونيسيا، عن
التحديات التي تواجهها بلاده في بحر الصين الجنوبي، خاصة فيما
يتعلق بإعلان الصين الأحادي لما يسمى بخط النقاط التسع، الذي
يتداخل مع المنطقة الاقتصادية الخالصة لإندونيسيا. وأكد التزام
بلاده بالقانون الدولي، لا سيما اتفاقية الأمم المتحدة لقانون
البحار (UNCLOS)، وسعيها إلى حل النزاعات بالطرق السلمية. كما
أشار إلى جهود آسيان في الانخراط مع الصين عبر مدونة قواعد
السلوك (COC) ومنتدى آسيان الإقليمي (ARF) للحفاظ على السلام
والاستقرار في المنطقة. من جانبه، سلط سعادة السفير نغوين هوي
دونغ، سفير فيتنام، الضوء على الشراكات الاستراتيجية التي تجمع
بلاده بكل من الولايات المتحدة والصين، رغم استمرار النزاعات
الإقليمية في بحر الصين الجنوبي. وأكد التزام فيتنام بالقانون
الدولي، مشيرًا إلى نجاحها في كسب قضية التحكيم ضد الصين عام
2016. كما تناول النمو الاقتصادي لفيتنام ودورها في الركيزة
الاقتصادية لآسيان، خاصة في تعزيز التجارة والاستثمار داخل
المنطقة .
تناول
السيد تانابوردي جوتونغ، القائم بأعمال سفارة تايلاند، دور
بلاده في آسيان، لا سيما في تعزيز التبادل الثقافي والاجتماعي،
مشيرًا إلى جهودها في دعم التعاون الإقليمي من خلال شبكة
جامعات آسيان، التي تتخذ من جامعة شولالونغكورن في بانكوك
مقرًا لها. كما أكد التزام تايلاند بمبدأي الإجماع وعدم
التدخل، اللذين كان لهما دور أساسي في الحفاظ على الاستقرار
الإقليمي. بدوره، تحدث سعادة السفير عز الدين تاجو، سفير
الفلبين، عن تجربة بلاده في آسيان، خاصة فيما يتعلق بحل
النزاعات الحدودية في بحر الصين الجنوبي. وأكد أهمية القانون
الدولي، مستعرضًا قضية التحكيم التي رفعتها الفلبين ضد الصين،
والتي أفضت إلى حكم تاريخي عام 2016. كما ناقش النمو الاقتصادي
للفلبين وجهودها في تعزيز الاستقرار الإقليمي عبر آليات آسيان
لحل النزاعات. أما سعادة السفير كياو تين شين، سفير ميانمار،
فقد استعرض الوضع السياسي في بلاده، بما في ذلك مسار التحول
الديمقراطي والتحديات المرتبطة بالحفاظ على الاستقرار. وتحدث
عن التنوع العرقي في ميانمار، التي تضم أكثر من 135 مجموعة
إثنية، وجهود الحكومة في تعزيز السلام والمصالحة الوطنية. كما
شدد على التزام ميانمار بمبادئ آسيان، لا سيما مبدأي عدم
التدخل والإجماع، وأهميتهما في معالجة النزاعات الداخلية .
من جهته،
تحدث سعادة السفير أوك سارون، سفير كمبوديا، عن مسيرة بلاده
نحو الانضمام إلى آسيان بعد سنوات من الحرب الأهلية، مؤكدًا
أهمية احترام ميثاق آسيان وعدم التدخل في شؤون الدول الأخرى.
كما أشار إلى دور كمبوديا في تعزيز الاستقرار الإقليمي وحل
النزاعات، خاصة عبر آلية اتخاذ القرار التوافقي التي تعتمدها
آسيان.
شهدت
الندوة نقاشًا تفاعليًا أدارته الدكتورة هالة أحمد الرشيدي،
مديرة مركز البحوث السياسية والحوار الثقافي، حيث طرح أعضاء
هيئة التدريس والطلاب أسئلة متنوعة حول دور آسيان في حل
النزاعات، وتفاعلها مع القوى الكبرى، ومستقبل التكامل
الإقليمي. تمحورت الأسئلة حول ما إذا كانت آسيان تسعى إلى
تجاوز منطقة التجارة الحرة إلى مراحل أعمق من التكامل، مثل
اعتماد عملة موحدة أو اتحاد سياسي، وكيفية تعاملها مع السياسات
التجارية الأمريكية، لا سيما الرسوم الجمركية التي فرضتها
إدارة ترامب على دول مثل الصين والمكسيك. كما تناول النقاش دور
آسيان في تسوية النزاعات في بحر الصين الجنوبي، وآليات التواصل
مع الصين عبر مدونة قواعد السلوك (COC). قدم السفراء إجابات
مفصلة، مؤكدين التزام آسيان بحل النزاعات سلميًا، واعتمادها
على القانون الدولي، وسعيها إلى تحقيق توازن في العلاقات مع
القوى الكبرى مثل الولايات المتحدة والصين .
اختُتمت
الندوة بجلسة تبادل ثقافي، حيث استمتع الحضور بتذوق مجموعة
متنوعة من الحلويات والمأكولات التقليدية الآسيوية، التي
قدمتها لجنة آسيان بالقاهرة. شكلت هذه الجلسة فرصة لتعزيز
التفاهم المتبادل والاحتفاء بالتنوع الثقافي لدول جنوب شرق
آسيا. في كلمته الختامية، عبر السفير محمد طريد سفيان عن شكره
لجامعة القاهرة وكلية الاقتصاد والعلوم السياسية على استضافة
هذا الحدث، مشددًا على أهمية استمرار التعاون بين آسيان ومصر،
لا سيما في مجالات التعليم والبحث والتبادل الثقافي. كما ألقت
الأستاذة الدكتورة حنان محمد علي كلمة ختامية، أعربت فيها عن
تقديرها لمشاركة السفراء، مجددةً التزام الكلية بتعزيز التعاون
الدولي. وفي ختام الحدث، قدمت دروع تذكارية للسفراء تكريمًا
لمشاركتهم وإسهاماتهم في نجاح الندوة .
|