محرر: فريدة إبراهيم- الفرقة الثالثة علوم سياسية فرنسي
كان عام
2024 عامًا مفصليًا في مسار التحول العالمي؛ حيث شهد تطورات
مهمة في النظام الدولي ككل. في إطار عرض هذه التطورات عقدت
كلية الاقتصاد والعلوم السياسية ندوة مناقشة التقرير العربي
الاستراتيجي الصادر عن مركز الدراسات السياسية والاستراتيجية
بالأهرام وبالتعاون مع الكلية في يوم الثلاثاء ٢٩ إبريل ٢٠٢٥.
بدأت
الندوة بجلسة افتتاحية من الساعة التاسعة والنصف صباحا بكلمة
ترحيب لكل من رئيس قسم العلوم السياسية بكلية الاقتصاد والعلوم
السياسية د/ أماني محفوظ ومدير مركز الأهرام للدراسات السياسية
والاستراتيجية د/ ايمن عبد الوهاب وعميد كلية الاقتصاد والعلوم
السياسية واخيرا وكيل الكلية لشئون خدمة المجتمع وتنمية
البيئة.
الجلسة
الاولي في ندوة بدأت في الساعة العاشرة صباحا وحملت عنوان”
النظام الدولي …بين المركزية الامريكية وتحرك مركز الثقل نحو
الشرق الأسيوي كان يرأسها أ.د حسن نافعة وتحدث فيها د. جمال
عبد الجواد، د. رغدة البهي و د. هايدي كارس وانتهت ببعض
المناقشات بين المتحدثين والسادة الحاضرين.
بدأ أ.د
حسن نافعة بالترحيب بالدكتورة أماني محفوظ لدعوته الي هذه
الندوة مؤكدا اهمية مناقشة هذا التقرير كأنها صحوة بسبب قيمة
التقرير للكلية و للمركز و ما يقدمه للباحثين و الطلبة، ثم بدأ
بترتيب المواضيع المطروحة للمناقشة في التقرير : فأولا أزمة
تدهور النظام الليبرالي الذي تأسس بعد الحرب العالمية الثانية
و مر بمراحل عديدة ، ثانيا الانتخابات الامريكية التي تشكل
نقطة فاصلة و دلالات اعادة انتخاب ترامب و تأثيره علي السياسة
الامريكية ، ثالثا قضايا صراعية مثل روسيا و اوكرانيا و رابعا
مواضيع قارية تناقش قضايا مثل صعود اليمين في اوروبا.
ثم نقل
أ.د حسن نافعة الكلمة للدكتور جمال عبد الجواد مشيرا الي خبرته
في مجال العلاقات الدولية، وتحدث عن ازمة النظام الدولي تكمن
في ان ما تعلمه من نظريات لا يعطي تفسير واضح لما يجري حاليا
ووصفه بال“mismatch“او شبهها بنظرية” البجعات السوداء“.
المهارة المهمة حاليا هي القدرة على الاستنتاج محاولة وجود
حلول مبتكرة فالعبء الاساسي سيكون على عاتق الجيل الجديد. فلا
يجب ان نضع قواعد في العلوم السياسية، ولكن نستخرجهم ونراقب ما
يحدث في عالمنا ونشرحه. علم العلاقات الدولية هو علم النظام
الليبرالي الذي يتكون مزيج من قيم ونظم ليبرالية من حري الفرد
وحرية التجارة ومنع الرق وهكذا والذي ترعرع من بعد الحرب
العالمية الثانية والحرب الباردة واعيد احيائه مع ورث امريكا
وبريطانيا للشرق الاوسط وتقسيمه الي دول، والان هو معرض لضغوط
كثيرة في مكونا الايديولوجي الاساسي في السنوات الاخيرة ولا
نعرف مستقبل بقائه. وهذا تشكل في ثلاث ابعاد: اولا تحول في
هيكل تقسيم نظلم القوة من اوروبا للصين، ثالث اقتصاد في العالم
وأكبر قوة صناعية مع تقدم تكنلوجي سريع ولم تعد احتكار للغرب،
يوجد انتقال لمركز القوة سقوط وصعود، الجديد يحدث ان هذا
الانتقال من قوة في الغرب الي قوة اخري هل هذا يأخذنا ال عولمة
من عدة كتل او عالم متعدد الاقطاب. ايضا تطور في سيولة انتقال
اموال سلع بشر وافكار وهذا ما شاهده العالم من تعاون واضح ما
بعد الحرب الباردة، تحول من علاقات تعاون الي علاقات صراع
(تجاري أكثر حاليا -الجمارك-) لم تعد حقوق الانسان
والديموقراطية ولم تعد المبادئ الليبرالية تتصدر المشهد، مع
صعود الطيار اليميني في الغرب ككل؛ مما يؤدي الي تغيير الطابع
الأيديولوجي. ولكن الي ماذا سيأخذنا هذا الوضع؟ في الاغلب عدم
استقرار كلي.
ثم تحدثت
د. رغدة البهي موضحة ان التقرير الإستراتيجي العربي تعتبر
وثيقة دقيقة متميزة قدمت رصد وتحليل دقيق، جد ا في كل مجريات
العالم حقيقة على مستوى النظام الدولي والإقليمي وحتى مصر طول
عام 2024 في اتجاهات شديدة الوضوح بناءا عليها يمكن استشراف
المستقبل. بدأت بالحديث على تحول مركز السبقة الحضارية نحو
الشرق الاسيوي وان جذوره ترجع لأواخر القرن العشرون بداية من
زهور مفهوم القرن الاسيوي. هذا المفهوم بني على حقائق عدة،
منها الصعود الاقتصادي، محركات للأيدي العاملة والإنتاج
والابتكار في الصين ثم الهند. فقوة القارة الآسيوية تكمن في
اقتصادها فهو ليس فكرة تحول مركز الصدارة الحضارية إلى الشرق،
ولكن الاقتصاد، وعلى تصنيف المستوي السياسي القارة الاسيوية
لها محيط سياسي معقد وغير متجانس بين الديمقراطية في اليابان
وكوريا الجنوبية، والنظام الاستبدادي في دول اخري مجاورة لديها
تحديات حقيقية على مستوى الفقر والتفاوت الاجتماعي، ومن ثم بدأ
الحديث أن هناك أكثر قرن آسيوي واحد. تشهد آسيا تحوّلات
ديموغرافية واقتصادية قد تعيق دورها من تراجع القوى العاملة
بسبب الشيخوخة ما يؤدي إلى ضغوط متزايدة على أنظمة الضمان
الاجتماعي. في المقابل، تواجه آسيا تحديات أمنية وجيوسياسية،
أبرزها التوترات في بحر الصين الجنوبي والصراع المحتمل بين
الصين وتايوان، والذي قد يعيد تشكيل التوازنات الاستراتيجية في
القارة. رغم صعود قوى كبرى كالهند والبرازيل، وصعود جزئي
للقارة الإفريقية، إلا أن الهيمنة الآسيوية الكاملة لا تزال
موضع شك. النظام الدولي لا يتجه نحو أحادية آسيوية، بل نحو
تعددية الأقطاب، حيث تستمر قوى مثل أوروبا الغربية والولايات
المتحدة في الحفاظ على موقعها في القيادة العالمية، سياسياً
واقتصادياً وعسكرياً.
هناك جدل
حول ما إذا كان النظام الدولي الليبرالي يمر بمرحلة احتضار، أم
أنه يواجه مجرد أزمة عابرة يمكنه التعافي منها. فإنه لا يزال
يتمتع بجذور مؤسسية قوية، مثل صندوق النقد الدولي والبنك
الدولي، بالإضافة إلى مكونه الثقافي المتمثل في العولمة
والهيمنة الثقافية الأمريكية، وهو ما لم تستطع القوى الآسيوية
حتى الآن تقديم بديل مكتمل له. انهت حديثها مشيرة أن النظام
الدولي يمر بحالة سيولة فكرية وتحليلية، حيث يمكن الاستدلال
على استمرارية الهيمنة الأمريكية بنفس القدر الذي يمكن فيه
الاستدلال على تراجعها. من جهة، ما زالت أمريكا تملك أقوى جيش
وأكبر تأثير ثقافي. ومن جهة أخرى، هناك مؤشرات على تراجعها،
مثل الصراعات الخارجية، وتزايد النزعات الانعزالية داخليًا،
والحديث عن نهاية القرن الأمريكي. العالم يقف على مفترق طرق
بين الشرق والغرب، حيث تتشكل ملامح نظام دولي جديد. الحروب مثل
الحرب الروسية الأوكرانية، أو صراع محتمل بين الصين وتايوان،
قد تسرّع من عملية التحوّل ومع ذلك، لا يزال شكل هذا النظام،
وعدد أقطابه، وزمن تبلوره غير واضح.
انتقلت
الكلمة للدكتورة هايدي كارس مؤكدة على القيمة الكبيرة للتقرير
الاستراتيجي الذي يمثل إضافة نوعية للمكتبة العربية، لأنه يرصد
التفاعلات الدولية والإقليمية والمحلية بشكل شامل. ثم ركّزت في
مداخلتها على ثلاثة محاور رئيسية ضمن الفصل الخاص بالتفاعلات
الدولية. أولاً التحولات المنظومة في النظام الدولي وناقشت
التحولات الجارية في بنية النظام الدولي، مشيرة إلى أن العالم
يمر بمرحلة انتقالية تتسم بعدم الاستقرار وعدم اليقين. النظام
لم يعد ثنائي القطبية ولا متعدد الأقطاب بشكل واضح، وهناك تآكل
في الأسس التي قامت عليها الهيمنة الغربية. ورغم أن القوى
الصاعدة وعلى رأسها الصين كانت تُعتبر سابقًا التحدي الأكبر،
فإن المفارقة الآن تكمن في أن التهديد الأكبر للنظام الليبرالي
قد يأتي من داخله، وتحديدًا من داخل الولايات المتحدة نفسها
نتيجة تحولات اقتصادية وسياسية داخلية. ثانياً تأثير التحول
على دول الجنوب فقد تساءلت الدكتورة عن دور دول الجنوب: هل هي
مجرد متلقٍّ لهذه التغيرات أم لها دور فاعل؟ استخدمت أفريقيا
كمثال، مشيرة إلى التنافس الدولي المحموم على القارة من قبل
قوى كبرى كالصين وروسيا، إضافة إلى قوى إقليمية مثل تركيا ودول
الخليج. رغم ذلك، فإن بعض الدول الأفريقية بدأت تلعب أدوارًا
تفاوضية ومرنة، مثل تنويع الشراكات الدولية وعدم الارتهان لطرف
واحد. ثالثاً التنظيم المعرفي في حقل العلاقات الدولية: أشارت
الدكتورة إلى مركزية الفكر الغربي في علم العلاقات الدولية،
حيث يهيمن التنظير الغربي على هذا الحقل، وتحديدًا الأمريكي
والأوروبي. ومع ذلك، برزت محاولات من باحثين في دول الجنوب
لتقديم بدائل نظرية تبتعد عن المركزية الغربية وتخاطب إشكاليات
واقعية لا تستطيع الأدبيات الغربية التقليدية معالجتها. هذا ما
يعرف أحيانًا بحركة نزع الهيمنة عن المعرفة العالمية في
العلاقات الدولية. اختتمت الدكتورة كلمتها بالحديث تقرير مجلة
The Economist وأن الجيش الإسرائيلي يستخدم أنظمة ذكاء اصطناعي
لتحديد أهدافه في غزة، من خلال تحليل بيانات ضخمة تشمل
اتصالات، صور أقمار صناعية، ونشاطات مشبوهة وتقنيات تعتمد على
تحليل بصمة الوجه والصوت. هذه التكنولوجيا، رغم دقتها الظاهرة،
تُبنى على مدخلات قد تكون غير دقيقة، مما يفسر العدد الضخم من
الضحايا المدنيين فهناك خشية من أن يصبح هذا الأسلوب "ترندًا"
"Trend” جديدًا في الحروب المستقبلية. هذه النقطة أساسية لفهم
كيف غيّرت التكنولوجيا الحديثة طبيعة الحرب في غزة، وكان ينبغي
إدراجها في ضمن "التطورات التقنية والعسكرية“.
وفي نهاية
هذه الجلسة المثمرة اختتمها أ.د حسن نافعة متحدثا عن أبرز
القضايا التي ناقشها التقرير الاستراتيجي السنوي هو الانهيار
المتسارع للمؤسسات الدولية التي تأسست عقب الحرب العالمية
الثانية، والتي كانت تُشكّل الأساس لمنظومة العدالة والشرعية
الدولية، مثل محكمة العدل الدولية ومحكمة الجنايات الدولية.
لقد تراجع الدور الأخلاقي والقانوني الذي كانت تدّعيه القوى
الغربية، خاصة فيما يتعلق بحماية حقوق الإنسان، حيث أصبحت هذه
القيم إما مستهدفة أو مُهملة في الواقع العملي. هذا التآكل في
أداء المؤسسات يُثير تساؤلات جذرية حول مستقبل النظام الدولي:
هل ما زال بالإمكان إصلاح منظومة الأمم المتحدة، وعلى رأسها
مجلس الأمن، رغم تكلّسها وعدم قدرتها على التكيّف مع موازين
القوى الجديدة؟ أم أن الواقع يفرض التفكير في تأسيس نظام عالمي
بديل، وهو ما لا يحدث عادةً إلا عقب صدمات كبرى كالحروب
العالمية؟
عقب ذلك
بدأت الجلسة الثانية تحت عنوان” النظام الإقليمي…تقلص محور
الممانعة واضطراب حسابات التطبيع التي كانت يرأسها والمتحدثين
د. معتز سلامة، أ.د نيفين مسعد، د. محمد السعيد إدريس و د. علي
جلال معوض.
بدأ د.
معتز سلامة بشكر وترحيب لزملائه وللأستاذ الدكتور أحمد يوسف،
ثم اتجه في حديثه عن النظام العربي والشرقي الاوسطي والتفاعلات
بينهم من تطورات في ٢٠٢٤. أشار إلى أن قسم "العربي" في التقرير
تناول قضايا عديدة، لكن تم اختيار موضوع "محور الممانعة
والتراب حسابات التطبيع" كمحور أساسي، دون أن يكون ذلك حصرًا
أو تقليصًا لمجمل المواضيع الأخرى. قُسم النظام العربي إلى
ثلاثة أجزاء؛ تضمن الجزء الأول قضايا النظام العربي، وتناول
أبرزها: من طوفان الأقصى إلى طوفان الشمال، ما يدل على بداية
ونهاية رمزية لعام مفصلي في المنطقة، ثم تحليل واقع الأزمات
العربية المزمنة التي استقرت كحالة مأزومة دون تسويات كاملة،
كما في اليمن، ليبيا، السودان، ولبنان، مع خطر تهديد وحدة
الدولة الوطنية. أما الجزء الثاني فتناول تحوّلات قواعد
الاشتباك، مسلطًا الضوء على العنف الإسرائيلي المتزايد في غزة،
وحالة الردع بالقوة المفرطة، والحرب الطويلة، إضافة إلى تشوش
عملية صناعة القرار داخل إسرائيل وغياب العقل الجماعي
المتماسك. وتمّت مناقشة تراجع الجماعات غير الحكومية كحماس
وحزب الله، وطرحت تساؤلات حول ما إذا كان هذا التراجع تكتيكيًا
أم أفولًا استراتيجيًا. كما استُعرض المشهد اللبناني من
الاشتباك المحدود إلى الحرب المفتوحة. أما الجزء الثالث من
التقرير فتناول صراعات الداخل الإسرائيلي، مشيرًا إلى أن
الأحزاب تتنافس كلها على أرضية اليمين، ما يعكس ضيق الطيف
السياسي هناك. كما ناقش موقف حماس في السلطة رغم الحرب،
والخلاف العلني بينها وبين السلطة الفلسطينية، مما يثير
تساؤلات حول واقع العمل الفلسطيني المشترك. واختُتم القسم
العربي بتحليل موقف دول مجلس التعاون الخليجي من التطبيع،
مبرزًا تباين المواقف الخليجية، واختلاف الحسابات القومية بين
دولها وان هناك انقسامات في القمة العربية القادمة فكيف سيتم
طرح موضوعات وحلول للصراعات العربية الاقليمية في ظل ادوار
عربية غامضة وحالة عربية مختلة.
عقب ذلك
تحدثت أ.د نيفين مسعد مركزة على عدة ملاحظات، أولها أن التقرير
على أهميته وشجاعته في طرح قضايا شائكة إلا أنه صعب في لغته
ومصطلحاته، خاصة للمهتمين من خارج المجال الأكاديمي. ثانيًا،
تحفظت على استبعاد نموذج حماس/ إسرائيل من نماذج الحروب
اللامتماثلة، ورفضت فكرة أن تأثير الضربات الإسرائيلية ونزع
السيطرة المكانية ينفي اللامركزية؛ معتبرة أن ما حدث لا يتناقض
مع تطور الحروب اللامتماثلة، بل يعكس تحولًا في نمط التعامل
الإسرائيلي مع المقاومة، خاصة أن الإستراتيجية الإسرائيلية
تغيرت من المواجهة المكانية إلى التعامل مع الفكرة والروح.
ثالثًا، تناولت مصطلح "الفاعلين المتوازيين من غير الدول"
داعية إلى توضيح الفارق بينه وبين "الفاعلين المسلحين"، وطرحت
مثال جماعة الإخوان المسلمين في مصر كفاعل غير مسلح، ولكنه
لاعب سياسي مركزي، وكذلك الحكومة التي تدير الدولة في لحظة ضعف
النظام السياسي الرسمي. رابعًا، رفضت فكرة تراجع إيران عن
مشروعها الإقليمي، معتبرة أن طبيعة المشروع الإيراني
الإمبراطورية لا تسمح بالانكفاء إلى الداخل، بل هو مشروع طويل
الأمد، عابر للأنظمة السياسية. خامسًا، تناولت الحرب بالوكالة
ورأت أن تحليل التقرير لتطور الحوثيين من أداة إلى فاعل مركزي
يتطلب إدراك تطور دوافع الفاعل نفسه، خاصة أنه انتقل من موقع
الأداة إلى موقع التعبير عن قطاع شعبي. وأخيرًا، ركزت على
أهمية تحليل أداء النظام العربي الرسمي، خاصة في القضايا
المركزية كفلسطين وسوريا، مشيرة إلى ضعف المخرجات رغم وجود
تصريحات رسمية.
انتقلت
الكلمة للدكتور محمد السعيد ادريس متحدثا عن النظام العربي
والشرقي الأوسط والتفاعلات بينهم، تطورات ٢٠٢٤، وفي قمة الـ
G20 بمومباي، طُرح مشروع شرق أوسط جديد، أعقبه طوفان الأقصى،
الذي أثبت أن الشعب الفلسطيني يستطيع المقاومة، مما أسقط الفكر
الصهيوني والغرب ككل. رغم هذا، لم يقف النظام العربي مع القضية
الفلسطينية، فهناك دول تموّل الكيان، وأخرى عاجزة، في مقابل
صمود الشعب الفلسطيني لعدة شهور. هذه التطورات أظهرت محور
المقاومة الممتد من إيران إلى حزب الله واليمن، مما خلق خللًا
في توازن القوى، وترافق ذلك مع ضربات شديدة ضد حزب الله وظهور
الدواعش في سوريا تحت أجندة مطامع أمريكية (مع الإشارة إلى أن
سوريا في الماضي رفضت خيانة حزب الله والتطبيع مع إسرائيل).
كنا نتحدث عن دور تركي غامض، لكنه وجد قوته في سوريا، في ظل
زيادة قوة إسرائيل. نحن الآن في خضم تطورات خطيرة، تُطرح معها
أسئلة كثيرة حول موقف النظام العربي إذا اندلعت حرب بين إيران
وإسرائيل بسبب الملف النووي. في ظل هذه الأدوار العربية
الغامضة تبدو التسويات في منتصف الطريق.
اختتم
الجلسة الثانية د. علي جلال معوض موضحا التحديات التي تواجه
الباحثين في هذا السياق، مستشهدًا بتجربة سابقة حول تركيا،
ليؤكد صعوبة ملاحقة هذه التغيرات. يتناول التقرير الحضور
اللافت لتركيا في المحاور المختلفة، ويشير إلى أدوارها
السياسية والاقتصادية والعسكرية في عدد من القضايا الإقليمية
مثل سوريا ولبنان والسودان وفلسطين، مع ملاحظات حول إمكانية
التركيز أكثر على بعض الملفات كالصومال. يبرز التقرير الصورة
المزدوجة للأدوار التركية، بين الإيجابية كفاعل تعاوني،
والسلبية كمصدر تهديد، مع الإشارة إلى التناقضات المحتملة بسبب
تعدد المساهمين في إعداد التقرير. يتأمل د. جلال في طبيعة هذا
التباين، مرجعًا ذلك لضعف النظام العربي وسيولة التفاعلات
الإقليمية، وكذلك لاختلاف المصالح الوطنية بين الدول العربية،
مع حضور متزايد ومستمر للجدل حول الدور التركي.
|